اشــــراقـــــات مـــــن نـــــور
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم

اذا كانت هذه زيارةتك الاولى للمنتدى فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات
كما يشرفنا ان تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى اما ااذا رغبت بقراءة المواضيع والاطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب به ........

مع تحيات إدارة المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اشــــراقـــــات مـــــن نـــــور
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم

اذا كانت هذه زيارةتك الاولى للمنتدى فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات
كما يشرفنا ان تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى اما ااذا رغبت بقراءة المواضيع والاطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب به ........

مع تحيات إدارة المنتدى

اشــــراقـــــات مـــــن نـــــور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العصا والحية

اذهب الى الأسفل

العصا والحية  Empty العصا والحية

مُساهمة  نهر العطاء الخميس فبراير 03, 2011 6:05 am

العصا والحيّة


قال تعالى:



{ وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى* قال ألقها يا موسى* فألقاها فاذا هي حيّة تسعى* قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى}. طه 17-21.



1. بداية المعجزات



ازدحمت قصة موسى عليه السلام بالمعجزات, ولعل سبب كل هذا ما كان عليه اليهود من تعنّت وكبرياء, وقد بدأت المعجزات في قصة موسى عليه السلام مع بدء حياته وفي طفولته, فها هو فرعون قد اتخذ قرارا بقتل كل طفل ينجب من بني اسرائيل, ولكن ارادة الله انصرفت لنجاة موسى بل وأن ينمو ويترعرع في قصر فرعون ذاته.



كان ذلك عندما خافت أم موسى على ولدها من الذبح اذا علم فرعون بوجوده, فألهمها الله أن تضع صندوقا وتلقيه في النهر أو في البحر, وظل الصندوق يحمل موسى وتتلاطمه الأمواج حتى وصل الى شاطئ تحت القصر لتراه آسيا زوجة فرعون وتطلب من زوجها أن يبقيه لهم يستمتعون بتربيته ليملأ عليهم دنياهم.



واستمرّت المعجزة لتكمل مسيرة موسى عليه السلام, فها هي أم موسى خائفة والهة على ابنها فأراد الله أن يطمئن قلبها, فألهمها القوة والصبر حتى يجمعها بابنها الذي أصبح عائما في النهر, تراقبه أخته خوفا عليه, وقد كادت أن تصرخ أو تفقد تماسكها لولا مشيئة الله أن تكون قوية شجاعة في ذلك الموقف.



فرحت آسيا بوصول هذا الطفل الجميل الى قصرها وموافقة زوجها فرعون على الابقاء عليه والعدول عن فكرة قتله شأنه شأن أطفال بني اسرائيل, وبقيت أم موسى حزينة باكية, فلم تكد ترمي موسى في نهر النيل حتى أحست أنها ترمي قلبها خلفه, وظلت تتابع الصندوق الذي يحمل وليدها حتى غاب عن عينها واختفت أخباره. طلع الصباح على أم موسى فاذا قلبها فارغ يذوب حزنا عليه, وكادت تفقد صوابها وتبدي ولهها على وليدها الفقيد, لولا أن الله عز وجل ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها, فهدأت واستكانت واطمأنت, وتركت أمر ابنها الى الله عز وجل, وأمرت ابنتها أن تذهب بهدوء الى جوار قصر فرعون وتحاول أن تعرف أخبار أخيها موسى عليه السلام, وحذرتها من أن يشعر أحد بأنها تتجسس عليهم.



ورفض موسى كل المرضعات, وأوقف قبوله للرضاعة على ثدي أمه!! أليست هذه معجزة كبرى بدأ بها موسى حياته؟!



وقد تحدث القرآن الكريم على طفولة موسى عليه السلام فقال عز وجل:



{ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا, ان كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين* وقالت لأخته قصّيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون* وحرّمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون}. القصص 10-12.



وكان وعد الله حقا, وأصبحت أم موسى عليه السلام مرضعة لابنها دون أن يشعر فرعون أو أحد من قصره, وكانت تتردد كل يوم علىالقصر فتسعد نفسها ويهدأ فؤادها, وتقرّ عينها برؤية ابنها بعد ارضاعه والتمتع بلذة الأمومة, وقد وصف القرآن هذه المعجزة فقال عز وجل:



{ فرددناه الى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}. القصص 13.



كان موسى عليه السلام موضع حب الجميع, فكان لا يراه أحد الا أحبّه وهذا من الله عز وجل اذ قال جلّ شأنه:



{ وألقيت عليك محبة من عندي ولتصنع على عيني}. طه 39.



كبر موسى وترعرع, وأصبح فتيا شابا وتعلم علوما كثيرة, وعلم أنه ليس ابنا لفرعون, وكان يرى اضطهاد فرعون ورجاله وأتباعه لبني اسرائيل, ودخل المدينة على حين غفلة ذات يوم, فوجد رجلا من أتباع فرعون يقتتل مع رجل من بني اسرائيل, واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل ووكز الرجل الظالم بيده فوقع قتيلا, فقد كان موسى قويا لدرجة أن اذا ضرب خصمه ضربة واحدة فانه يقتله. ولم يقصد موسى قتل ذلك الرجل, وكان موته مفاجأة مزعجة له لدرجة أنه قال:{ هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين} ودعا موسى ربه..قال:{ رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي}.



وغفر الله تعالى له, انه هو الغفور الرحيم.



وبعد أيام قليلة جاء قريبه هذا الذي قتل من أجله أحد أقارب فرعون, جاء يستنجد به في معركة أخرى مع رجل آخر, فأدرك موسى أنه من هواة المشاجرات والمعارك, فصرخ به موسى قائلا:{ انك لغويّ مبين} واندفع نحوه فخاف الرجل منه واعتقد أنه سيبطش به كما بطش بعدوّه بالأمس فقال مسترحما موسى:{ يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبّارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}.



بهذه الكلمات كشف الرجل المصري سرا كان يبحث عنه جنود فرعون, فلم يكن قد عرف بعد قاتل الرجل, وأصبح موسى خائفا يترقب خطرا قد يلحق به وهو في المدينة, وأرسل الله عز وجل لموسى رجلا مصريا عاقلا ينصحه ويحذره, وقد أطلعنا القرآن الكريم على ذلك في قوله تعالى:{ فلمّا أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال ياموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس, ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين } القصص 19.



خرج موسى من المدينة ودعا ربّه:{ ربّ نجّني من القوم الظالمين}.



سافر موسى الى مدين وجلس عند بئرها الرئيسي الضخم, وجاء الرجال الأقوياء يسقون أغنامهم. كان موسى متعبا من السفر, جائعا لم يأكل شيئا منذ فترة, أحسّ أنه فقير غريب, هارب من بطش فرعون وقومه بسبب ما أصابه في المدينة, دعا ربه وهو جالس تحت الشجرة بالقرب من البئر قائلا:{ ربّ اني لما أنزلت اليّ من خير فقير}. القصص 24.



في هذا الوقت لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم, ووجد امرأتين تمنعان غنمهما أن تختلط بغنم القوم, فشعر موسى عليه السلام أن الفتاتين بحاجة الى المساعدة, تقدّم منهما وسأل ان كان يستطيع أن يساعدهما بشيء.. فقالت الفتاة الكبرى:



نحن ننتظر حتى ينتهي الرعاة من سقي غنهم لنسقي.



فقال موسى: ولماذ لا تسقيان معهم؟



فقالت الصغرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال كما ترى!!



نظر اليهما موسى في دهشة لأنهما ترعيان الغنم.. وهذه مهنة يجب أن يعمل بها الرجال, لأنها شاقة متعبة, وسأل موسى عليه السلام مرة أخرى: لماذا ترعيان الغنم؟



فأجابت الصغرى أيضا قائلة: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج معنا كل يوم.



عندئذ تقدم موسى عليه السلام في شهامة الرجال وقال:



سأسقي لكما.



مشى موسى وخلفه الفتاتان وأمامه الغنم, حتى وصل الى بئر مدين وهناك عند البئر اكتشف أن الرعاة قد وضعوا على فم البئر صخرة ضخمة لا يستطيع أن بحرّكها الا عشرة رجال, وعلى الفور احتضن موسى الصخرة ورفعها من فم البئر, وسط دهشة الفتاتين اللتين شاهدتا عروق رقبته ويديه قد انتفخت بشدّة عند رفعه للصخرة الضخمة, لقد كان موسى رجلا قويا, منحه الله قوة هي بمقاييس عصره معجزة, وسقى عليه السلام الغنم وأعاد الصخرة مكانها وتركهما تمضيان الى حال سبيلهما ثم عاد الى الشجرة التي كان يجلس تحتها من قبل, ورفع يده بالدعاء المشهور عنه فقال مرّة أخرى:{ ربّ اني لما أنزلت اليّ من خير فقير}.



عادت الفتاتن الى دارهما وحكتا لأبيهما شعيب قصة الشاب الكريم الذي سقى لهما وجعلهما تعودان الى الدار مسرعتين مبكرتين على غير عادتهما. وشرحتا له كيف سقى, وكيف نام متعبا, يبدو عليه أنه قادم من سفر بعيد, وجائع ومجهد.



أرسل له الأب احداهما ليعطيه أجر ما سقى لهما, وجاءته على استحياء فجعلها تمشي خلفه وتنبهه هي الى الطريق.



وهناك أكرمه الرجل وقدّم له الطعام وعرض عليه احدى ابنتيه ليتزوجها على أن يعمل في رعي الغنم عنده ثماني سنوات, فان أتمّ عشر سنوات, فله الحرية ان شاء.



وافق موسى على هذا العرض السخي الذي كان بمشيئة الله خيرا لموسى.



ومضت السنون واستكمل الله لنبيه موسى عليه السلام التأهل لكي يكون نبيا يتحمّل الأمانة وعظمها ومشاقها.



وانتهت الفترة المحددة وبدأت مرحلة المعجزة الكبرى في حياة موسى, سنرى بداية المعجزة هناك تحت جبل الطور, وسنرى العلاقة بين العصا والحية.



2. العصا



كانت العصا معجزة من المعجزات التي انصرفت مشيئة الله تعالى أن تكون كما كانت, وأن تفعل ما فعلت ولكن أهميتها في نظر موسى عليه السلام كانت محصورة في شيئين هما على حد قوله:{ أتوكأ عليها}, { وأهش بها على غنمي}.



ولكن لأن موسى نبي ولكلام الأنبياء جوامعا قد ينطقون بها, فتنصرف الأحداث بمشيئة الله لتفسيرها, قد قال بعد الأهميتين الاثنتين اللتين ذكرهما:{ ولي فيها مآرب أخرى}.



وعصا موسى لها عدة أسماء ذكرها العلماء, فقيل أن اسمها "ماسا" وقيل اسمها "نفعة", واسمها "غياث", وقال آخرون: اسمها "عليق" وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى عليه السلام. العرائس للثعلبي 156.



وقد ورد عن عصا موسى عليه السلام قصص وحكايات قصيرة, ذكرها المؤرخون وأصحاب كتب السير, ومنها أنه: كان لعصا موسى شعبتان ومحجن في أسفل الشعبتين وسنان حديديان في أسفلها, وأن موسى عليه السلام اذا دخل مغارة أو سار في ليل شديد الظلام, كانت تظيء شعبتاها كالشمعتين من نار تنيران له مد البصر, وأنه كان اذا أعوزه الماء دلاها في البئر فتمتد على قدر ماء البئر ويصير في رأسها شبه الدلو فيستسقي بها.. الى آخر هذه الصفات التي لا نريد الخوض فيها كثيرا لأننا لا نعرف مدى صحتها.



ومنها أن العصا كانت تضرب بها الأرض فتخرج طعاما يكفي ليوم موسى عليه السلام, وكان يضرب بها على الجبل الوعر الصعب المرتقى وعلى الحجر والشوك فتفرج له الطريق, وكان اذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفينة ضرب بها عليه فانفلق وبدا له فيه طريق تنفرج..



قضى موسى عليه السلام الأجل الذي حدده له شعيب, تزوّج خلاله ابنته "صفورا", وقرر الخروج من مدين فسار بأهله, منفصلا عن أرض مدين ببلاد الشام, وكان ذلك في فصل الشتاء حيث البرد والظلام الشديد, وكانت معه امرأته وأغنامه التي أعطاها له شعيب أجر ما فعل.



وسار موسى عليه السلام في برّ الشام مبتعدا عن المدن وأماكن العمران مخافة الملوك الذي كانوا بالشام, وكان أكبر همّه عليه السلام يومئذ اخراج أخيه هارون من مصر ان استطاع الى ذلك سبيلا, فسار موسى في البريّة غير عارف بطرقها, فألجأه السير الى جانب الطور الأيمن الغربي في عشيّة شاتية شديدة البرد, وأظلم عليه الليل وأخذت السماء ترعد وتبرق وتمطر, وقد كانت زوجته حاملا في شهرها التاسع, ففاجأها الطلق والولادة. فأصابته حيرة شديدة خوفا على زوجته من البرد والظلام وهي في هذه الحالة, فبينما هو كذلك اذ آنس من جانب الطور نورا فحسبه نارا, فقال لأهله:{ امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى} يقصد أنه يتمنى أن يجد من يدله على الطريق التي أضلها, فلما أتى النار واقترب منها رأى نورا عظيما ممتدا من السماء الى شجرة عظيمة هناك, كان موسى قد دخل واديا يقال له طوى, لاحظ الصمت والسكون, والدفء والهدوء, واقترب موسى من النار, وما كاد يقترب منها حتى سمع صوتا يناديه:{ أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين} النمل 8.



توقف موسى عن السير فجأة, وأصابته رعشة, شعر أن الصوت يأتي من كل مكان ولا يجيء من مكان محدد.



نودي موسى من شاطىء الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة, ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله عز وجل ينادي: { اني أنا ربك}. طه 12.



وازداد خوف موسى وارتعاشه, فسمع الصوت يقول: { فاخلع نعليك انك بالوادي المقدّس طوى} طه 12.



فلما سمع ذلك علم أنه ربه, خفق قلبه وكل لسانه وضعفت بنيته وصار حيا كأنه ميّت الا أن روح الحياة تدب فيه من غير حراك, وكان السبب في أمر الله له بأن تمس راحة قدميه الأرض الطيّبة فتناله بركتها لأنها مقدسة, وقال بعض العلماء أن السبب هو أن الحفوة , أي أن يمشي الانسان حافيا, في مكان مقدس أو طاهر تعدّ من أمارات التواضع والاحترام وتهذيب النفس.



ثم تلقى موسى عليه السلام الوحي الاهي الذي بلغه بأنه نبي مختار من الله عز وجل فقال:



{ وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * انني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري* انّ الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى * فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردّى}. طه 13-16.



وجاء درو العصا التي انصرفت مشيئة الله أن تكون معجزة من معجزات موسى عليه السلام, فقد سأل الرحمن الرحيم عبده موسى عليه السلام عن العصا فقال:{ وما تلك بيمينك يا موسى}. طه 17.



أجاب موسى اجابة البشر الذين لهم حدود في المعرفة, فقال في حدود المعرفة, فقال في حدود علمه: { هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} طه 18.



الى هذا الحد توقف موسى عليه السلام عن الحديث فهذه حدوده كبشر, والمآرب الأخرى يعرفها موسى عليه السلام, فهو اذا ألقاها فيرى أنها انقلبت حية كأعظم ما يكون من الثعابين السوداء الضخمة تدب على الأرض, جاء في وصفها في كتاب العرائس ص 156: انها سوداء مدلهمة تدب على أربع قوائم فتصير شعبتاها فما مفتوحا وفيه اثنا عشر نابا وضرسا لها صريف وصرير يخرج منها كلهب النار, وعيناها تلمعان كما يلمع البرق.. وكانت تكون في عظم الثعبان وفي خفة الجان ولين الحية, وذلك موافق لنص القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى في موضع:{ فاذا هي ثعبان مبين}.



وفي موضع آخر:{ كأنها جانّ}.



وفي موضع ثالث:{ فاذا حيّة تسعى}.


نعود الى مشهد الحوار بين موسى عليه السلام ورب العزة عز وجل فبعد أن عرف موسى ما بيمينه وقال:{ هي عصاي} جاءه الأمر الالهي فجأة يقول:{ ألقها يا موسى}. طه 19.



رمى موسى عليه السلام العصا من يده, وقد ازدادت دهشته, وفوجيء عليه السلام بما يرى أمامه, فالعصا قد تحوّلت الى ثعبان عظيم هائل الجسم, وراح الثعبان يتحرّك بسرعة مخيفة, ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه, وأحسّ أن بدنه يهتز بشدة ويرتعش بعنف, وانتابه شعور بزلزال من الخوف, فما كان منه الا أن استدار الى الخلف فزعا وانطلق يجري خطوات قليلة حتى ناداه ربه.. كي يثبّته ويطمئنه قائلا:{ يا موسى لا تخف اني لا يخاف لديّ المرسلون} النمل 10.



{ أقبل ولا تخف انك من الآمنين}. القصص 31.



توقف موسى لحظات واستدار وعاد مكانه خائفا من الحية التي تتحرك أمامه. كيف يقف موسى عليه السلام أمام ثعبان ضخم بدأ يتحرّك أمامه ويرفع رأسه ويفتح فمه؟ وعاد صوت رب العزة يناديه قائلا:



{خذها ولا تخف}. القصص 32.



كيف يأخذها وهي تتحرّك؟! لم يسبق لموسى أن أمسك ثعبانا ضخما كهذا بين يديه, فهذا طريق الموت والهلاك بعينه, من يجرؤ على ذلك؟ ولكن جاء التأكيد من الله سبحانه وتعالى والوعد بالاطمئنان وعدم الخوف, قال عز وجلّ:{ خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى}.



تردد موسى برهة, وخاف وتلعثم لحظة, وبدأ يقترب بحذر شديد, مدّ موسى يده التي كانت ترتعش, وكان على موسى جبة صوف فلفّ كمّه على يده وهو للثعبان هائب, فنودي أن أخرج يدك, فحسر كمّه عن يده ووضع تحت يده رأسها فلما أدخل يده ولمس الثعبان فاذا هي عصاه في يده ويده بين شعبتيها حيث كان يضعها.



ثم جاء الأمر الالهي مرة أخرى لموسى عليه السلام فقال له:{ اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم اليك جناحك من الرهب}.القصص 32.



وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فاذا هي تتلألأ كالقمر, يعجز البصر عن النظر الى بريقها الجميل, وقد زاد ذلك انفعال موسى عليه السلام, فوضع يده على قلبه كما أمره ربه:{ واضمم اليك جناحك من الرهب}.



وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه وشعر بالطمأنينة, وسكنت أطرافه عن الارتجاف والارتعاش, واستعاد توازنه وأصدر الله عز وجل أمرا بعد أن أراه هاتين المعجزتين بأن يذهب الى فرعون فيدعوه الى الله برفق ولين, فأبدى موسى عليه السلام خوفه وفزعه من فرعون وقال لربه أنه قتل نفسا منهم ويخاف أن يقتلوه. لم يدر موسى عليه السلام أن عصاه هي التي رأى منها المعجزات ستهز بقدرة الله أركان فرعون وملكه كله.



ولذلك ولعدم دراية موسى عليه السلام بما في الغيب طلب من ربه أن يرسل معه أخاه هارون عليه السلام.



طمأن الله نبيّه موسى عليه السلام وقال انه سيكون معهما يسمع ويرى, وأن فرعون رغم جبروته وسطوته لن يمسّهما بسوء, وعرّف موسى أنه هو الغالب. وقد روت الآيات الكريمة كل ما ذكرناه في هذا الموقف عن العصا.



قال تعالى:{ هل أتاك حديث موسى * اذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى* فلما أتاها نودي أن ياموسى* اني أنا ربّك فاخلع نعليك انك بالوادي المقدّس طوى* وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى* انني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري* ان الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى* فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردّى* وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى* قال ألقها يا موسى* فألقاها فاذا هي حيّة تسعى* قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى* واضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى} طه 9-22.



3. في قصر فرعون



مضى موسى عليه السلام الى مصر, ثم دخل على الطاغية فرعون, فحدّثه عن الله عز وجل وعن فضله ورحمته ورزقه, وحدّثه عن وجوب توحيده وعبادته, حاول أن يدعوه بطريق ليّنة, خاطب فيها وجدانه, ولكن فرعون تكبّر وتجبّر, وذكّر موسى بأن ربّاه وانتشله من النيل طفلا, وذكّره بمقتل القبطي, ثم سأله عن رب العالمين فقال: انه ربي وربك, وجادل فرعون جدالا كثيرا, والعصا في يد موسى عليه السلام, وبعد أن أنهى موسى كلامه والرد على فرعون, نظر اليه فرعون وقال في تهديد وعيد:{ لئن اتخذت الها غيري لأجعلنّك من المسجونين} الشعراء 29.



عندئذ أدرك موسى أن الحجج لن تفلح والأمور العقلية لن تحرّك في هذا الفرعون المغرور المتكبّر ساكنا, فتحسس موسى عليه السلام العصا التي في يده, وأدرك أن وقت اظهار المعجزة قد جاء وآن أوانه فقال لفرعون:



{ أولو جئتك بشيء مبين} الشعراء 30.



وكان في نبرة موسى عليه السلام تحدّ لفرعون, فقبل فرعون التحدي على الفور وقال: { فأت به ان كنت من الصادقين} الشعراء 31.



عندئذ أمسك موسى بعصاه وألقاها في صالة القصر وسط ذهول فرعون والوزراء الجالسين حوله, الذين ظنوا أن العصا سقطت
نهر العطاء
نهر العطاء
المشرف العام
المشرف العام

عدد المساهمات : 460
تاريخ التسجيل : 03/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى